المشاركات

مقدمة سفر يهوديت

يروي كتاب يهوديت قصة امرأة نجت شعبها من الحرب تشبه هذه المرأة إلى حد بعيد دبورة قضاة الفصلين 4 ، 5 أو أستير وينطلق كتاب يهوديت من التاريخ ولكنه يجوره مبتعداً ومخالفاً فنبوخذنصر الذي انتصر على أشور هو في كتاب يهوديت ملك أشور ثم إن الأحداث المروية تشير إلى رجوع اليهود من السبي يهوديت 4 : 3 ، 5 : 11 بينما هو الذي سباهم أما مدينة بيت فلوى التي تدور حولها الأحداث فلا ترد في أية كتابة رغم الأشارة إلى موقعها يهوديت 4 : 7 ، 6 : 11 ، 12 ، 7 : 12 ولا تقابل أي مكان في أرض كنعان كل هذا يدفعنا إلى القول أن الكاتب يخفي قصده فيشير إلى أيام صعبة عاشها الشعب اليهودي في زمن انطيوخس ابيفانيوس ما بين سنة 175 ، 164 قبل الميلاد انطلق من واقع عاشته إحدى المدن فكتب قصة خيالية ليشجع شعبه على الثبات في المحنة وعلى الأمانة لله مهما كانت الظروف من هنا يبدو اهتمام كتاب يهوديت شبيها باهتمام كتاب النبي دانيال

يهوديت 1

في السنة الثانية عشرة من ملك نبوخدنصر الـذي حكم الأشوريين في مدينة نينوى العظيمة كان أرفكشاد يحكم على المادايين في مدينة أحمتا الـتي بنى حولها من حجارة مربعة منحوتة سورا على ارتفاع سبعين ذراعا في عرض ثلاثين َذراعا وشيد أبراجها على ارتفاع مئة ذراع بأساسات عرضها ستـون ذراعا وجعل أبوابها على ارتفاع سبعين ذراعا في عرض أربعين ذراعا حتـى يتسع لدخول مركباته وجيوشه وفي تلك السنة شن الملك نبوخذنصر حربا على الملك أرفكشاد في السهول العظيمة حيث مدينة رعاوي فالتحق بهذا الأخير جميع الـذين يسكنون الجبال المجاورة وضفاف الفرات ودجلة وياديسون فضلا عن سكان أرض أريوك ملك عليم واجتمعت أمم كثيرة لمحاربة بني كلعود فاستنجد الملك نبوخذنصر ملك أشور بجميع سكان فارس وجميع سكان المناطق العربـية وسكان كيليكية ودمشق ولبنان وفيما وراء لبنان غربا إلى ساحل البحر المتوسط وبشعوب الكرمل وجلعاد والجليل الأعلى وسهول يزرعيل الواسعة وبجميع أهالي السامرة وجوارها من المدن في عبر الأردن وغربا إلى أورشليم وبـيت عانوت وكلعود وقادش إلى نهر مصر ومنه إلى مدن تحفنحيس ورعمسيس وجميع أراضي جاسان وصولا إلى ما وراء تانيس وممفيس بما في ذلك

يهوديت

وفي السنة الثامنة عشرة من ملك نبوخذنصر في اليوم الثاني والعشرين من الشهر الأول تم الرأي في قصره على أن ينتقم من تلك البلدان الـتي رفض سكانها الالتحاق به في حربه على أرفكشاد وهذا كما وعد سابقا فدعا وزراءه وأعيان مملكته وفاتحهم بهذا الرأي سرا وأخبرهم بأنه عزم على أن يجلب الخراب لتلك البلدان فوافقوا على أن يهلك كل واحد فيها رفض أن ينضم إليه وفي ختام الاجتماع طلب نبوخذنصر ملك الأشوريين أليفانا قائد جيشه وهو الرجل الثاني بعد الملك وقال له هذا ما يأمرك به الملك العظيم سلطان الأرض كلها أخرج الآن وخذ معك ممن تثق ببسالتهم من جنودي مئة وعشرين ألفا من المشاة واثني عشر ألف فارس وعددا كبيراً من الجياد وهاجم سكان ممالك الغرب الـذين عصوا أوامري وقل لهم أن يهيئوا ترابا وماء برهانا على خضوعهم لأني سأخرج عليهم في غضبـي وأغطي وجه الأرض بأقدام جيشي وأجعلهم غنيمة لي وأملأ أوديتهم وأنهارهم بالجرحى والقتلى وكل من بقي منهم حيا أسوقه إلى الأسر حتـى أقاصي الأرض فتقدمني يا أليفانا وأخضع لي جميع هذه المناطق وإذا استسلم أهلها إليك فاحتفظ بهم حتـى يوم مجيئي لأعاقبهم أما إذا قاوموا فلا تشفق عليهم بل اذبحهم وانهب أرز

يهوديت 3

فما كان منهم إلا أن أرسلوا إلى أليفانا يطلبون الصلح قائلين نحن عبـيد نبوخذنصر الملك العظيم نرمي بأنفسنا أمامك حتـى الأرض فافعل بنا ما يحلو في عينيك ها بيوتنا وقرانا وغلال حقولنا وأبقارنا وأغنامنا ومراعينا تحت أمرك فاستخدمها كما تشاء بل ها مدننا وسكانها عبـيد لك فتعال وافعل بها ما يطيب لك فلما وصل الرسل إلى أليفانا بهذا الكلام نزل إلى ساحل البحر مع جيشه وأقام معسكره في التلال وأخذ من مدنها أنصارا له فاستقبله أهلها وجميع سكان تلك المناطق بالأكاليل والأهازيج والطبول ولكنه مع ذلك كله دمر معابدهم وقطع أشجارهم المقدسة لأنه قرر تحطيم جميع آلهة تلك الأرض حتـى يجبر الأمم على عبادة نبوخذنصر وحده وعلى المناداة به إلها دون سائر الآلهة ثم اجتاز أليفانا وادي يزرعيل قرب دوثائين الـتي قبالة سفوح جبل يهوذا الكبـير وأقام معسكره ما بين أرض جبع وبـيت شان حيث أمضى شهرا كاملاً جمع فيه كل ما يحتاج إليه جيشه من المؤونة

يهوديت 4

وسمع بنو إسرائيل المقيمون بأرض يهوذا بكل ما فعله أليفانا قائد جيش نبوخذنصر ملك الأشوريين بالشعوب المجاورة وآيف نهب معابدهم وهدمها فارتعبوا منه وخافوا على أورشليم وهيكل الرب إلههم وبخاصة أنهم عادوا حديثا من السبـي وتعاونوا هم وجميع سكان يهوذا على تطهير الهيكل وآنيته ومذبحه من الدنس فما كان منهم إلا أن أنذروا جميع مناطق السامرة ومدن كونا وبـيت حورون وبلمائين وأريحا وكوبة وحاصور ووادي شليم ثم تمركزوا على رؤوس الجبال كلها وحصنوا قراها وخزنوا المؤونة استعدادا للقتال وكانت حقولهم حصدت منذ حين وكتب يواكيم الكاهن الأعلى وكان في تلك الأيام مقيما في أورشليم إلى جميع الساكنين في مدن بيت فلوى وبيت مستئيم قبالة يزرعيل باتجاه السهول الـتي بجوار دوثائين أن يسيطروا على مسالك الجبال المؤدية إلى يهوذا وبذلك يسهل أيقاف الغزاة لضيق المسالك الـتي لم تكن تتسع لأكثر من جنديين جنبا إلى جنب ففعل بنو إسرائيل كما أمرهم يواكيم الكاهن الأعلى وشيوخهم الساكنون في أورشليم وصرخ كل شعب إسرائيل إلى االله وصاموا وانسحقوا أمامه ولبسوا المسوح هم ونساؤهم وأولادهم ومواشيهم والغرباء والأجراء المقيمون بـينهم ثم انطرح كل رجل وا

يهوديت 5

ووصل الخبر إلى أليفانا رئيس جيش الأشوريين أن بني إسرائيل استعدوا للقتال وأنهم سدوا مسالك التلال وحصنوا رؤوس الجبال وأقاموا الحواجز في السهول فغضب واستدعى أمراء موآب وقادة بني عمون وحكام مدن ساحل البحر المتوسط وقال لهم أخبروني الآن يا بني كنعان من هم أولئك الـذين يعيشون في تلك الجبال وما المدن الـتي يسكنونها وكم يبلغ عدد جيشهم وما مصدر قوتهم وقدرتهم ومن الملك الـذي يحكمهم ومن هو قائد جيشهم ولماذا امتنعوا دون جميع سكان الغرب عن الخضوع لي فأجابه أحيور قائد بني عمون إن سمعت لي يا سيدي أخبرك الحقيقة عن أولئك الشعب المقيمين في الجبال المجاورة ولن أكذب بكلمة واحدة إنهم من نسل الكلدانيين وكانوا سابقا يقيمون بين النهرين ولكنهم نزحوا من هناك لأنهم رفضوا عبادة آلهة آبائهم في أرض الكلدانيين وفضلوا عليها إله السماء ولذلك طردوا من أرضهم أرض آلهتهم فهربوا إلى ما بين النهرين حيث أقاموا مدة طويلة ثم أمرهم إلههم أن يخرجوا إلى أرض كنعان والإقامة فيها وهناك كثر ذهبهم وفضتهم ومواشيهم فلما انتشر الجوع في أرض كنعان كلها نزلوا إلى مصر وعاشوا في بحبوحة وتكاثروا هناك حتـى صار عددهم لا يحصى فانقلب عليهم ملك مصر

يهوديت

ولما هدأ ضجيج الـذين حول المجلس قال أليفانا قائد جيش أشور لأحيور أمام القادة وجميع الأنصار من موآبـيين وغيرهم من الشعوب من أنت يا أحيور ومن هم جنودك هؤلاء المرتزقة لبني أفرايم حتـى تتنـبأ لنا اليوم قائلا إننا يجب أن لا نحارب بني إسرائيل لأن إلههم يدافـع عنهم؟وهل من إله غير نبوخذنصر؟فهو يرسل جيشه ويمسح بني إسرائيل عن وجه الأرض ولن يقوى إلههم على إنقاذهم نحن جنوده سنبـيدهم بضربة واحدة ولن يثبتوا أمام فرساننا سيبـيدون وجبالهم سترتوي بدمائهم وسهولهم ستغطيها الجثث إنهم سيـزولون وما من أثر سيبقى لهم تماما كما أمر نبوخذنصر ملك العالم لأن ما يقوله يتحقق وما أنت يا أحيور إلا من مرتزقة العمونيين وما كلامك اليوم إلا دليل على ما في باطنك من الخبث فلن ترى وجهي إلا بعد أن أنتقم من هذا الشعب الـذي خرج من أرض مصر وعند ذلك يخترق جنبيك سيف جنودي ورمحهم فتسقط بين قتلى بني إسرائيل أما الآن فيأخذك الجنود إلى تلك الجبال ويتركونك في إحدى النقاط الحصينة الـتي منها يتحكم بنو إسرائيل بالمسالك وهناك تلقى الموت مع ذلك الشعب وإذا كنت مقتنعا بأنهم لن يغلبوا فلماذا انخطف لونك؟هذا ما أقوله إن كلمة واحدة من كلامي لن ت

يهوديت 7

وفي اليوم الثاني أمر أليفانا جيشه وحلفاءه أن يزحفوا على بـيت فلوى ويحتلوا سفوح التلال استعدادا للهجوم على بني إسرائيل وكان عدد الجنود المشاة مئة وسبعين ألفا والفرسان اثني عشر ألفا عدا الرجال المسؤولين عن العتاد والمؤن وعسكر هؤلاء عند النبع الـذي في الوادي الـذي قرب بيت فلوى وكان معسكرهم كبـيرا بحيث بلغ عرضه من دوثان إلى بلما وطوله من بيت فلوى إلى قليمون الـتي قبالة وادي يزرعيل فلما رأى بنو إسرائيل كثرتهم ارتعبوا وقال بعضهم لبعض هؤلاء الرجال سيفترسون كل ما على وجه الأرض فلا الجبال ولا الأودية والهضاب قادرة على إطعامهم ثم تناول كل رجل سلاحه وأشعلوا النيران على أسوار قلاعهم وبقوا ساهرين طول ذلك الليل وفي اليوم التالي عرض أليفانا جميع فرسانه على مرأى بني إسرائيل في بـيت فلوى وتفقد المسالك المؤدية إلى المدينة والينابـيع الـتي تزودها بالمياه فاحتلها وأقام حراسا عليها قبل أن يعود إلى معسكره حيث أتاه أمراء بني عيسو وحكام شعب موآب وقادة جنود مدن الساحل وقالوا له إن سمحت لنا يا سيد سنقترح عليك خطة تجنب جيشك كل مكروه فهؤلاء الإسرائيليون لا يتكلون على قوتهم العسكرية وإنما على ارتفاع جبالهم الـتي ي

يهوديت 8

فسمعت يهوديت بهذه الأحداث وهي بنت مراري بنت آخيس بن يوسف بن عزيئيل بن حلقيا بن جدعون بن رافائيم بن أحيطوب بن إيليا بن حلقيا بن ألياب بن نتانائيل بن شلوميئيل بن صورشداي بن إسرائيل وكان زوجها منسى من عشيرتها وأنسبائها وهو الـذي ضربت حرارة الشمس رأسه عندما كان أيام الحصاد يراقب رابطي الحزم في الحقل فمات على فراشه في بـيت فلوى مدينته وقبر في مدفن آبائه في الحقل الـذي بين دوثان وبلمون وعاشت يهوديت أرملة في بيتها مدة ثلاث سنين وأربعة أشهر ونصبت لها خيمة على سطح بيتها واتزرت بلباس الأرامل وكانت تصوم تلك المدة كلها ما عدا السبوت ورؤوس الشهور وأعياد بني إسرائيل وأيام أفراحهم وكانت صبـية وجميلة ترك لها زوجها منسى ذهبا وفضة وخدما وجاريات وماشية وأملاكا ولم يكن أحد يتهمها بسوء لأنها كانت تخاف االله فلما سمعت هذه المرأة بشكوى الناس إلى عزيا بسبب قلة المياه وكيف أن عزيا وعدهم بتسليم المدينة إلى الأشوريين بعد خمسة أيام أرسلت جاريتها الـتي تدير جميع شؤونها إلى عزيا والشيخين كبري وكرمي تطلب منهم الحضور إليها فلما حضروا قالت لهم إستمعوا لي يا قادة فلوى إن الكلام الـذي نطقتم به اليوم أمام أهالي المدينة ل

يهوديت 9

وفي الوقت الـذي كان فيه بخور المساء يقرب في هيكل الرب بأورشليم ذرت يهوديت الرماد على رأسها ثم سجدت حتـى لامس جبـينها الأرض وكشفت عن المسح الـذي كانت تلبسه وصرخت إلى الرب قائلة أيها الرب يا إله أبـي شمعون الـذي أعطيته سيفا لـينتقم من الغرباء الـذين نزعوا رداء فتاة ليدنسوها فكشفوا عن فخذها وفضـوا بكارتها وللعار تركوها وأنت الـذي نهيت عن مثل هذا الأمر ومع ذلك فعلوه فأسلمت حكامهم إلى القتل في الفراش نفسه الـذي اغتصبوا فيه الفتاة وصبغوه بالدم فأبدتهم جميعا ولم تبق على عبد أو أمير أو ملك على عرشه وجعلت نساءهم غنيمة وبناتهم سبايا وأملاكهم من نصيب أبنائك بني إسرائيل الـذين أحبوك واستنكروا تدنيس دمهم والتمسوا منك العون فيا أيها الرب إلهي إستمع إلي أنا الأرملة أنت الـذي أمرت بهذا كله في ذلك الحين وما سبقه من الأحداث وتبعه من نتائج وأنت الـذي رسمت ما يحدث الآن وما سيحدث وكل ما أردته كان فتدابـيرك كلها مرسومة وأحكامك معروفة لديك مسبقا ها الأشوريون يزدادون قوة وهم يفتخرون بخيلهم ومشاتهم ويثقون بتروسهم ورماحهم وأقواسهم ومقاليعهم غير عالمين أنك أنت الـذي تنهي كل الحروب وأن اسمك الرب فحطم قوتهم بقدرتك

يهوديت 10

وبعد هذ الصلاة وقفت يهوديت ودعت خادمتها ودخلت البـيت إلى حيث كانت تقضي أيام السبت والأعياد ونزعت مسحها عنها ورداء ترملها واغتسلت بالماء ودهنت نفسها بأفخر الطيوب ورتـبت شعرها وزينته بشريطة ولبست ثوب الفرح الـذي كانت ترتديه أيام زوجها منسى وصندلا وتزينت بالأساور والسلاسل والخواتم والحلق وبهذا كله أرادت أن تسحر الرجال الـذين يرونها ثم ملأت كيسا بالذرة المحمصة والتين المجفف والخبز الطاهر كذلك ملأت زقا بالخمر وإبريقا بالزيت ثم لفت هذه الأشياء كلها وسلمتها إلى جاريتها لتحملها وتركت المرأتان البيت واتجهتا إلى باب المدينة حيث كان كل من عزيا وكبري وكرمي في مراكزهم يحرسون وحين شاهدوها بشكلها وفخامة ثيابها تعجبوا لجمالها وقالوا لها وفقك االله إله آبائنا بتحقيق آمالك لمجد بني إسرائيل وأورشليم فقالت يهوديت لهم مروا بفتح أبواب المدينة حتـى أمضي وأتمم ما تكلمنا به فأمروا الحراس بفتحها كما أرادت وخرجت مع خادمتها من المدينة بينما ظل الرجال يلاحقونها بعيونهم حتـى نزلت الجبل وعبرت الوادي وغابت عن البصر وبينما هي في الوادي تسير رآها جنود أشوريون في مراكز متقدمة للمراقبة فأمسكوا بها وسألوها من أي شعب أنت؟و

يهوديت 11

فقال لها أليفانا لا تخافي يا امرأة فأنا لا أضر بإنسان قبل الخضوع لنبوخذنصر ملك الأرض كلها فلو لم يستهتر بـي شعبك الساكن في هذه الجبال لما بدأت الحرب عليهم فجلبوا على أنفسهم كل هذا والآن أخبريني لماذا هربت منهم وجئت إلينا؟عليك الأمان هنا فلا تقلقي على حياتك هذه الليلة ولا فيما بعد لأن أحدا لن يمسك بأذى بل يحسن إليك كما هي الحال مع جميع أتباع سيدي نبوخذنصر فقالت له يهوديت إسمح لي يا سيدي أن أتكلم في حضرتك واستمع إلى ما سأقول لك فأنا لن أكذب عليك هذه الليلة فإذا استمعت إلى ما أقوله يوفقك االله ويحقق مقاصدك ليحي نبوخذنصر ملك الأرض كلها ولتحي قوته لأنه أرسلك إلى كل خليقة حية بما في ذلك الإنسان ووحوش البر وكل بهيمة وطيور السماء فهؤلاء جميعا سيخضعون له بفضلك ويعيشون تحت سلطانه وسلطان سلالته فنحن سمعنا بحكمتك ودهائك وما يشيع في جميع الأرض عن أنك أحسن قواد المملكة وأعظمهم خبرة وأكثرهم براعة في القتال وبعد فالكلام الـذي قاله أحيور في مجلسك سمعناه من أحيور نفسه حين أنقذه رجال بيت فلوى فلا تستخف يا سيدي القائد بكلامه بل خذه بجد لأنه صحيح فلا أحد يقدر أن يعاقب شعبنا أو يقهره بالسيف إلا إذا خطئوا إل

يهوديت 12

ثم أمر أليفانا بأن يدخلوا يهوديت إلى غرفة طعامه وأوصى لها بأن تأكل من مائدته وتشرب من خمره فقالت له يهوديت لا أقدر أن آكل من طعامك لئلا أخالف شريعة إلهي ولكني آكل من الطعام الـذي أتيت به فقال لها أليفانا إذا نفد الزاد الـذي أتيت به فكيف نحصل على مثله ولا أحد عندنا هنا من بني قومك؟فقالت يهوديت أقسم بحياتك يا سيدي لن أنفق الطعام الـذي معي حتـى يحقق االله بـيدي ما عزم عليه فأدخلها رجال حاشية أليفانا إلى الخيمة حيث نامت حتـى منتصف الليل وعند الفجر أرسلت إلى أليفانا تسأله أن يسمح لها بالخروج إلى الوادي لتصلي فأمر اليفانا حراسه بأن يسمحوا لها بالخروج من المعسكر فكانت مدة الأيام الثلاثة الـتي قضتها في المعسكر تخرج كل ليلة إلى وادي بـيت فلوى وتغتسل في عين الماء القريب من المدينة وبعد صعودها من الماء كانت تصلي إلى الرب إله إسرائيل أن يسهل طريقها لإنقاذ بني قومها ثم تعود إلى المعسكر طاهرة بحسب الشريعة وتتناول طعامها في المساء وفي اليوم الرابع من إقامتها في المعسكر أعد أليفانا عشاء لكبار رجال حاشيته وحدهم ولم يدع إليه أحدا من قادة الجيش وقال لبوغا خصيه ونديمه إذهب الآن وأقنـع تلك العبرانية الـتي

يهوديت 13

وفي المساء خرج رجال حاشيته ومن الخارج أغلق بوغا باب الخيمة وطلب من الخدم أن ينصرفوا من عند سيده وذهب كل واحد إلى فراشه لأنهم كانوا متعبـين بسبب طول الحفلة وبقيت يهوديت وحدها في الخيمة بينما كان أليفانا متمددا على فراشه لأنه كان مخمورا وكانت يهوديت أمرت جاريتها بانتظارها أمام غرفة نومها كما في كل يوم حين تخرج من المعسكر للصلاة وقالت لبوغا الشيء ذاته وهكذا خرج الجميع من الخيمة ولم يبق أحد لا صغيرا ولا كبـيرا إلا يهوديت وأليفانا وحدهما ووقفت يهوديت جانب فراشه وقالت في قلبها أيها الرب الإله القدير ها هي اللحظة المناسبة ساعد شعبك وساعدني في تحقيق غايتي كن معي لأقضي على أعدائنا وتتمجد أورشليم ثم تقدمت من رأس الفراش حيث رأس أليفانا وتناولت سيفه المعلق هناك واقتربت منه وأمسكت بشعر رأسه وقالت زدني قوة في هذه الساعة أيها الرب إله إسرائيل ثم ضربت عنقه مرتين بكل قوتها فقطعت رأسه ودحرجت جثته عن الفراش ونزعت الناموسية عن العمد وبعد حين خرجت وناولت جاريتها رأس أليفانا فوضعته في كيس الطعام وخرجتا كعادتهما للصلاة واجتازتا المعسكر ودارتا في الوادي وصعدتا الجبل نحو بوابة مدينة بيت فلوى فنادت يهوديت الحرا

يهوديت 14

وقالت لهم يهوديت إسمعوا لي يا إخوتي خذوا الآن هذا الرأس وعلقوه على أسوار مدينتنا وحين يطلع الفجر وتشرق الشمس على الأرض إحملوا سلاحكم واختاروا قائدا لكم واخرجوا وراءه من المدينة كأنكم نازلون إلى السهل لمهاجمة المركز المتقدم للحراس الأشوريين ولكن دون أن تهاجموه وعندما يراكم الحراس يحملون سلاحهم ويسرعون إلى معسكرهم لإيقاظ قواد جيشهم ثم يسرع هؤلاء القادة إلى خيمة أليفانا وحين لا يجدونه حيا يستولي الرعب على الجيش كله وينهزم أمامكم فتلاحقونهم أنتم مع الإسرائيليين من سكان الساحل وتفتكون بهم حيث ما اتجهوا ولكن قبل أن تفعلوا الآن شيئا استدعوا أحيور العموني إلي حتـى يتعرف إلى رأس الرجل الـذي استهان ببـيت إسرائيل والـذي أرسله إلينا كأنما إلى هلاكه فاستدعوا أحيور من بيت عزيا فلما جاء ورأى رأس أليفانا في يد أحد الرجال المجتمعين هناك سقط على الأرض مغميا عليه وبعدما أنعشوه ركع عند قدمي يهوديت ساجدا وقال كوني مباركة في جميع أرض يهوذا ومعظمة في كل أمة تسمع باسمك ولكن أخبريني كيف فعلت كل هذا في أيام قليلة فقصت عليه يهوديت وسط الحضور ما جرى لها من يوم خروجها من المدينة إلى اللحظة الـتي كانت تتحدث فيها ول

يهوديت 15

وسمع الجنود الـذين في خيمهم بموت قائدهم فأصابهم الذهول أصابهم الخوف ولا واحد منهم أراد البقاء في المعسكر فأسرعوا جميعا إلى الهرب في كل اتجاه إلى السهل وفي مسالك الجبال كذلك هرب أولئك الأشوريون الـذين عسكروا في الجبل حول بيت فلوى فهجم عليهم من بني إسرائيل كل قادر على حمل السلاح وأرسل عزيا رسلا إلى بيت مستئيم وبـيباي وخويا وكولا وإلى جميع مدن سواحل بني إسرائيل يخبرونهم بما جرى ويشجعونهم على مهاجمة الأعداء وتدميرهم فلما تلقى بنو إسرائيل الخبر انقضوا على الأشوريين كرجل واحد وطاردوهم حتـى حدود خويا وكذلك فعل الـذين قدموا من أورشليم ومن جميع التلال المجاورة عندما أخبرهم الرسل ما حدث في معسكر أعدائهم وطاردهم الساكنون في جلعاد والجليل وهم يفتكون بهم حتـى جاوزوا دمشق وحدودها أما بقية أهل بيت فلوى الـذين لم يطاردوا الأعداء فأطبقوا على معسكر الأشوريين ونهبوه وغنموا منه الكثير وكذلك فعل بنو إسرائيل الـذين رجعوا إلى بيت فلوى من القتال إذ نهبوا ما تبقى هم وأهل القرى والمدن الـتي في الجبال والأودية وكان ما نهبوه كثيرا وجاء يوياكيم الكاهن الأعلى وشيوخ بني إسرائيل في أورشليم لـيشاهدوا بأنفسهم العمل الع

يهوديت 16

ثم أنشدت يهوديت للرب نشيد الشكر والحمد الـذي ردده بعدها جميع بني إسرائيل قالت سبحوا الرب إلهي سبحوه بالدفوف والصنوج أنشدوا له نشيدا جديدا ومجدوه وادعوا باسمه االله يفوز في الحروب بين خيام الأعداء في وسط جميع الجنود أنقذني الرب الإله ممن أراد الشر لي من الجبال في الشمال نزل الأشوريون نزلوا بعشرات الألوف سدوا لكثرتهم َ الأودية وخيولهم غطت الروابـي هددوا بحرق أراضينا وقتل شباننا بالسيف وطرح أطفالنا إلى الأرض وجعل أولادنا غنيمة وعذارى شعبنا سبايا لكن الرب القدير خيب آمالهم كلها على يد امرأة منا بطلهم لم يسقط بـيد الشبان ولم يبطش به الجبابرة بل يهوديت ابنة مراري أهلكته بجمالها نزعت ثياب ترملها لرفع الظلم عن إسرائيل دهنت وجهها بالطيب ضمت شعرها بشريطة ولبست ثياب الفتنة حذاؤها خطف أبصاره وجمالها سلب عقله فقطعت بالسيف عنقه حتـى الفرس ارتعبوا من جرأتها وبنو ماداي من شجاعتها ومساكيننا هتفوا ابتهاجا ورفع الضعفاء أصواتهم أما الأعداء فاندهشوا ورفعوا أصواتهم لكنهم غلبوا فأبناء الجواري طعنوهم وقتلوهم كالعبـيد الهاربـين تحطموا في ساحة القتال بـيد الرب إلهنا أنشد للرب نشيدا جديدا أيها الرب الجبار العظيم